الآباء والأبناء - 9 أغسطس 2017

صحيفة المدينة

الآباء والأبناء - 9 أغسطس 2017

2021-10-23    623

تربية الأبناء رسالة سامية ، يتفق الناس جميعًا على اختلاف أديانهم وثقافاتهم على أهميتها وأنها مسؤولية ، ونزيد عليهم - نحن المسلمين - أنها في شريعتنا عبادة وقربى .

ومن المفاهيم في التربية أن العنف وسيلة خاطئة ، ولذلك يتحدث الناس عنها كثيرًا ، وأُنشئت لأجلها اللجان والجمعيات ، لمعالجة هذه الظاهرة ، لكن وسيلة أخرى لا تقل عنها خطأً قد لا يُفطن لها ، ولا يُلْتفَتُ إليها كثيرًا، وهي المبالغة في الدلال .

ذَكَرت هذا عندما وقع في يدي كتاب صدر في عام 1916م في أثناء الحرب العالمية الأولى لمؤلفه رئيس مجلس الأمة الفرنسي في ذلك الوقت بول دومر الذي أصبح رئيسًا للجمهورية الفرنسية بعد فوزه في انتخابات الرئاسة الفرنسية في عام 1931م ، نقله للعربية الصحفي والسياسي اللبناني عبد الغني محمد العريسي صاحب صحيفة ( المفيد). يقول المؤلف : « إن الأب الذي يفسد أبناءه ؛هو ذلك الأب الذي يحملهم على كتفيه اعتقادًا منه أن ذلك يخفف عنهم ، وغاب عنه أن ذلك يجعلهم طوال حياتهم عاجزين لا يستطيعون التغلب على ما يواجههم من صعوبات الحياة ، وهذا الأسلوب في التعامل لا يقل عن القسوة والصرامة مع الأبناء . ومن طرق الفساد أو الإفساد - والكلام للكاتب- أن يعتقد الأب أن ابنه أذكى الطلاب وأن الجميع مخطئ ، وابنه الوحيد على صواب . من أجل ذلك يجب أن نُعد أبناءنا جيدًا للحياة المقبلة» .ا.هـ.

ذكَّرتني هذه العبارات الجميلة التي سردها الكاتب بحالتين سمعتهما في مجلس والدي رحمه الله كانت سببًا بعد قدر الله في نجاح أو فشل الأبناء بعد وفاة آبائهم لأن الله -عز وجل- فطر الناس على حب أبنائهم قال تعالى : (زُيِّنَ للناس حُبُّ الشهوات من النساء والبنين) الآية .

الحالة الأولى : كان لأحد الآباء الأثرياء في مدينة مكة المكرمة ابنٌ وحيدٌ رُزِقَ به بعد عدة زيجات ، وكان كثير الدلال لابنه ولا يرفض له طلبًا ، وبعد وفاة الوالد بدَّد الابن ما تركه والده من أموال وممتلكات ، ولم يحافظ عليها بسبب جهله بما بذله والده من جهد لجمع تلك الأموال ، وأصبح حديث الناس في ذلك الوقت. والحالة الثانية : شخص آخر من أهل هذه البلدة المباركة عوَّد ابنه على مساعدته والعمل معه في البقالة التي يمتلكها بعد الانتهاء من المدرسة ،وفي أوقات فراغه ، فكانت ثمرة ذلك أن هذا الابن أصبح من أصحاب المراكز التجارية الشهيرة في مدينة مكة وخارجها في وقتنا الحاضر .

من أجل ذلك يجب على الآباء الاعتناء بتربية الأبناء وتعليمهم أن الحياة ليست سهلة ، وتحتاج إلى عملٍ وجدٍّ وصبر ، وفي الأثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه (اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم ) وبذلك يدرك الأبناء بعد وفاة آبائهم مقدار ما بذلوه من جهد لجمع تلك الأموال والممتلكات ، مما يجعلهم قادرين على تحمُّل المسؤولية ومواجهة صعوبات الحياة.


مشاركة :